مخاوف الحوار مع الذات !!!

مخاوف الحوار مع الذات

ربما تكون المعالجة الفلسفية التي أجراها ( أريك فروم*) الفيلسوف و العالم النفسي الألماني الأمريكي هي أفضل ما يصلح لفهم مشكلة غياب الحوار وتغيبه لدينا على مستوى الأفراد والمجتمعات والحكومات ، فالحوار عملية أكثرا تعقيدا من مجرد الدعوة إليها أو مدحها ، ولكنه متصل ببيئة مركبة من التعليم و التنشئة والأخلاق والوجود الاجتماعي و الحضاري .
يبين فروم في كتابه ( الإنسان من أجل ذاته.. بحث في سيكولوجية الأخلاق ) أن شرط الوجود الاجتماعي هو الوجود في البيت ، وشرط الإصغاء إلى الذات . وإصغاء المرء إلى نفسه يواجه في ثقافتنا الحديثة صعوبات جمة ، يقول فروم (أن إصغاء المرء إلى نفسه شديد الصعوبة لان هذا الفن يقتضي قدرة أخرى نادرة في الإنسان الحديث هي قدرة المرء على أن ينفرد بذاته )...
ونحن في الحقيقة أنشأنا مخاوف الانفراد ، ونفضل الصحبة ، اعتقد إن الخوف من أن نكون وحيدين مع أنفسنا يدفعنا إلى الشعور بالارتباك ، يقارب الرعب من رؤية شخص معروف وغريب في وقت واحد ، فنخاف ونولي الأدبار ، فنضيع بذلك فرصة الاستماع إلى ذواتنا ونستمر في جهلنا بأنفسنا ..
وفي النهاية لا مناص من أن نفهم أنفسنا لأن هذه المعرفة ليست ترفا أو عملا تخصصيا ولكنها حياة يومية بوجودنا وأعمالنا ومصالحنا .
يقول فروم في كتابه (فن الإصغاء) كيف للمرء أن يعرف العالم ؟ كيف للمرء أن يعيش ويستجيب كما ينبغي إذا كانت تلك الأداة التي ستعمل والتي ستقرر مجهولة بالنسبة إلينا ؟ !
فنحن نشكل أنفسنا ، وإذا لم نشكلها على أساس معرفتها تماما فسوف نجهل العالم المحيط بنا ، وهنا يغيب الحوار، ربما تكون كتب فروم موجهة للمحللين النفسيين والمختصين أكثر مما هي للثقافة العامة ، لكن ربما يكون التحليل النفسي صعوبته وملله وسيلة ضرورية لكل مثقف بل كل إنسان باعتباره وسيلة لفهم الذات ، وأسلوبا في العيش أو نمط الحياة الصحيح .
الواقع أنني بعد قراءة بعض كتب (فروم) تكونت لدي فكرة إن معظم أزمات غياب الحوار ناتج عن الظروف المعيشية فضلا عن السياسية، وفقدان الحوار والإصغاء ليس فقط باعتبارها مهارة عملية يمكن التدرب عليها ولكن أيضا كنمط حياة يشكل وعينا لأنفسنا وللعالم من حولنا وان التغيب المتواصل للإصغاء مع الذات وفي الأسرة والمدرسة والجامعة و العمل والسياسة والإدارة جعل آذاننا تضمر فيزيائيا وكأنها زوائد دودية لم نعد نحتاج إليها .
لقد تقدمت علوم وفلسفة التنظيم الذاتي وبدأت تأخذ موقعا مهما باعتبارها ثقافة عامة ضرورية للإنسان ، وتشكل جزءا من العملية التعليمية ومن تأهيل وتدريب المهنيين والمدراء وقادة الأعمال و المؤسسات ، أن الشبكية التي تشكل العالم جعلت تدفق المعلومات و المعارف على درجة لا يمكن للمؤسسات التقليدية مثل المدارس و الجامعات و الشركات و الدوائر الحكومية قادرة على تنظيمها واستيعابها وتقديمها للناس ، ولم يعد الحل ألا في التعليم الذاتي و المستمر و المتواصل للأفراد والمجتمعات ، وهكذا فان الحوار في محصلته ليس عملية تديرها مؤسسة أو جهة تدعوا إليها الحكومة والمجتمعات ولكنها أداة لاستيعاب المعارف الجديدة المتشكلة و التي تشكل العالم من جديد ......................

يسلمووو على الموضوع يا أخي

Admin
تحياتي
عسليه

يسلموووووووووووو

عسليه على ردودك العطر
كلك زوء
تحياتي

مع تحيات :::

يسلمو

عسل تسلم يا قلبي وعساك على القوه